قبل فترة شاهدت الفلم التشيكي زيلاري. إنبهرت بالفلم لعدة أسباب من أهمها الواقعية الإنسانية التى يعرض فيها الفلم الأحداث وهي طريقة تختلف تماما عن الرومانتيكية الخيالية ذات النهاية السعيدة التي نراها عادة في أفلام هوليوود
أليشكا طالبة في كلية الطب في مدينة براغ أثناء الحرب العالمية الثانية. تعمل أليشكا في حركة المقاومة السرية. تنكشف خليتها على يد المخابرات النازية وتصبح حياة أليشكا في خطر. يتطوع يوزا بأن بخبأها لحماية حياتها. يوزا رجل كبير في السن وكبير في الجثة يعمل في منشرة خشب في قرية نائية بعيدة كل البعد عن مدينة براغ الحاضرية. يضطر الإثنان الإنتقال للقرية الصغيرة والتزوج حتى لا يثيروا الشكوك. حاول أن تتخيل حسناء متعلمة وصغيرة في السن تجد نفسها في بيت لا توجد فيه الكهرباء ولا ماء جارية ولا حتى أرضية. أرضية الكوخ هو التراب. وتجد نفسها بجانب رجل غير وسيم لا يقرأ ... بالكاد يعرف أن يكتب إسمه والأروع من ذالك أنه لا يحب الإستحمام ورائحته كريه. ويتكلم اللغة التشيكية بطريقة قروية مبتذلة بينما تتكلم أليشكا بطريقة راقية تفضح تعلمها في الجامعة وتربيتها في مدينة كبيرة.
الفلم لا يحاول أن يغطي الموقف بهالة رومانتيكية بل يتعامل بكل صدق وصراحة مع قبح الفروقات الإجتماعية والطبقية الموجودة في ذالك المجتمع
هل تسنطيع الدكتورة المستقبلية أن تتعامل بشكل إنساني في محيطها الجديد؟ عليك أن ترى الفلم لكي تعرف الجواب. ولكن لا تتوقع نهاية سعيدة
لعل أروع لقطة في الفلم هي اللقطة عندما تجلس أليشكا مع يوزا على شرفة الكوج. بعد أن تتوه في الغابة المحيطة في القرية وينقذها يوزا من هناك
يوزا: أخاف عليك. لا تذهبي للغابة مرة أخرى. قد تتوهي هناك
أليشكا: الآن بالذات, لست أرغب بالموت
الفلم جعلني أفكر طويلا بسؤال .... هل بإمكاننا أن نتخلي عن الفروق الطبقية ونتعامل مع بعضنا البعض بشكل إنساني بحت
المظهر, التعليم , الثقافة, رصيد البنك, الحرفة. هل بإستطاعتنا أن لا ننظر إلى هذه الأشياء ونتعامل مع بعض بصدق
همممممممم
أتركني أحك رأسي وأفكر قليلا
أتذكر نقاشي الحاد مع صديقتي رحاب المقربة لي في المدرسة الثانوية. "عندما أكبر سوف أتزوج ميكانيكي سيارات" كنت أقول لها بتحدي و رحاب تصيح "هذا لن يحصل. لأن مستواك الإجتماعي والتعليمي لن يسمح بذالك. ثم أن والدك لن يسمح بذالك". كنت أحاول أن أقنعها أن الميكانيكي ممكن أن يكون مثقف بدون شهادات جامعية ولكن نتيجة مجهود شخصي وكانت رحاب تتهمني بأني مثالية و أتوهم أشياء ليست موجودة على أرض الواقع. لست أعرف أين رحاب اليوم .... كانت تنوي دراسة طب الأسنان ولكنها كسبت الرهان لأنني في النهاية لم أتزوج ميكانيكي سيارات
أتذكر المرة الأولى التى شاركت فيها عائلة زوجي في جمع الزيتون من أرضهم الزراعية. جاء الجيران من الحقول المجاورة لكي يتفرجوا علي. "شوفوا شوفوا ... بتجمع زيتون زينا" .... كانوا يتهامسون بينهم. ويعنون بذالك أنني كنت أجمع الزيتون مثل باقي الناس. شعرت وكأنني قردة في حديقة الحيوانات يتفرج عليها السواح. ولكن بعد فترة قصيرة مل المتفرجون ورجعوا إلى أعمالهم في حقولهم. إستمتعت يومها بالعمل الجسدي المرهق. فقد قضيت حياتي إما في الدراسة أو العمل في المكتب. كانت تجربة جديدة بالنسبة لي. أن أقف تحت الشمس بثياب متسخة وأعمل جاهدة لإنتاج شيئا فوائده إطعام الأفواه وإتقانه لا يحتاج إلى دراسة أو شهادات ولكن مجرد العزيمة الشخصية. شعرت يومها بالفخر وأنا أنظر إلى أظافرى وقد إسودت من التراب الذي دخل من تحتها. كانت يداي تبدوا جميلة ولكن بشكل آخر.
وهنا صورتي تحت واحدة من شجرات الزيتون التى يملكها عائلة زوجي

يومها إقترحت على زوجي أن نكف عن الحياة في المدينة والعمل في المكاتب والمؤسسات . لما لا نعمل في الفلاحة؟ سألته ليلتها. ظحك زعترة وقال لي أن الفلاحة عمل متعب يكسر الظهر ولا يجلب الكثير من المال. لقد عملتي في الحقل يوما واحدا ولكنك لو عملتي في الحقل عدة سنوات لمملتي هذا العمل وإشتقتي للحياة في المدينة ..... كان ذالك رده على الفكرة. قال لي يومها أنني مثالية زيادة عن اللزوم ويجب أن أصبح أكثر واقعية. حاولت أن أقنعه أنه شيئ شاعري أن نقوم كل صباح لنعمل في الحقل سويا. نزرع أكلنا بأيدينا بعيداعن المظاهر الكاذبة. قال لي زعترة أن نمط الحياة هذا يبدوا شاعريا لم لم يعشه فقط
بالفعل لم نترك الحياة في المدينة والعمل في المكاتب والمؤسسات. ولكن كنا نشارك في الفلاحة في عطل
الأسبوع أثناء زياراتنا لعائلة زوجي
اليوم في فانكوفر في حديقة منزلنا نزرع بجانب الزهور, الطماطم والخيار. يشارك أولادي في الري بكل بهجة وسعادة. كل صيف نوزع الطماطم والخيار على الأهل والأصدقاء لأننا نزع أكثر بكثير من ما نستهلك.
وهنا بعض الصور من محاولاتي المتواضعة في الفلاحة في حديقة منزلنا في فانكوفر


ما أشهي الطعام الذي تزرعه بيديك
الفروق الإجتماعية والطبقية تلاحقنا مثل شبح الصحن الطائر. ولكن عكس الصحن الطائر هذه التدوينة مع الفروق الإجتماعية لن تختفي بين ليلي وضحاها. أعدكم بذالك
كم هي بعيدة حياتي اليوم عن المثاليات
الآن بالذات, لا أشعر بالرغبة في الموت لأنني أعشق الحياة
ربي ألهيمني السكينة لكي أتقبل الأشياء اللتي ليس بوسعي تغيرها
ألهمي الشجاعة لكي أغير ألأشياء اللتي بمقدرتي تغيريها للأحسن
وألهمني الحكمة حتى أعرف الفرق بين الإثنين
** أعلاه ترجمة لدعاء شائع في مراكز "إيه إيه" اللتي تهدف لعلاج المدمينن على الخمر