تائه بين الصحوه والنوم
ماذا فعلت بنا تلك الزعطوطه؟
أصبحت أفهم لماذا يعذب السجناء السياسيون في السجون بالحرمان من النوم. لأنني بعد أسبوعين من عدم النوم أصبحت مستعده للإعتراف بالذنوب التي إرتكبتها والتى لم أرتكبها. كنت مستعده للتوقيع على أي ورقه تضعها أمامي. أصبحت مستعده للوشايه بكل أصدقائ. اصبحت مستعده لخيانة الوطن والدين. بس الله بخليك خليني أنام.
ولكن هذه الدكتاتوره المستبده .... الطاغيه التي لا تعرف أي رحمه .... لم بكن يرضيها الإعتراف بالذتوب ولا الوشايه بالأصدقاء ..... ياريت كنت أقدر أرضيها بهذه الأشياء البسيطه. كان لا يرضيها سوى التحطيم الكامل لأعصابي.
سيداتي وسادتي
أقدم لكم الدكتاتوره كعوش

إبنتي الأولى التي حرمتني من النوم لمدة سنتين
قبل فتره أخبرنا حمد أنه مر على ألبوم الصور فوجد أنه دائماً معبس في الصور. قرأت مقالته وقررت بعدها أن أتفرج على ألبومات الصور الكثيره قي بيتنا. ..... رحله لذيذه في الماضي. صور من أيام الطفوله, صور في أجازات مختلفه, صور أصدقاء و أحباب. وفي معظمها وجدت نفسي مبتسمه. طبعاً الواحد يلتقط الصور في المناسبات السعيده ولذالك كان من الطبيعي أن يكون مبتسم. ليس من عادتي أن أفكر في التصوير عندما يكون مزاجي عكراً . ولكني وجدت أن مجموعة صور من فتره معينه من حياتي تختلف عن باقي الصور. في تلك المجموعه من الصور إختفت إبتسامتي المعهوده تماماً. وتجدني في كل صوره أبدوا كالمسطوله. بل أن العائله كلها تبدوا مسطوله في تلك الفتره. زوجي والدي والدتي و أنا .... كلنا نبدوا مرهقين و متوترين في تلك الصور. كلها صور إلتقطناها ما بعد ولادة إبنتي الأولى. ويا لها من ذكريات.
عندما كنت حامل لأول مره ذهبت مع زوجي لرؤية مسرحيه قدمها فرقة الحكواتي الفلسطينيه التي جائت إلي فانكوفر لعرض مسرحيه. لست أتذكر إسم المسرحيه ولكني أتذكر أنها أعجبتني. وكان أحد الشخصيات الكوميديه في المسرحيه إسمه كعوش. لم نكن نعرف جنس الجنين الغير مولود بعد ولم نكن مقريرين أسامي للمولود الجديد ولكن أنا و زعتره أصبحنا نلقب بطني المتزايده في الإنتفاج بكعوش. وحتي اليوم نلقب إبنتي الكبيره بهذا اللقب أحياناً.
كانت كعوش تصيح وتبكي طوال الليل. لا يهدئها سوي أن يحملها أحدنا ويهزها بطريقه ناعمه مع أغاني حتى تنام. وما أن تضعها على فراش تبكي مره ثانيه. لكل منا كانت له طريقته الخاصه في هز الدكتاتوره. أنا كنت أهزها بشكل دائري مع ترنح من اليمين إلي الشمال. زوجي كان يهزها بشكل مستقيم ...فوق...تحت. والدتي كانت تهزها من جنب إلي جنب وهي واقفه في مكانها. أما والدي فقد كانت طريقته الأكثر إبداعاً. كان بحملها وبمشي في الصالون مشيه ذات خطوات قصيره و سريعه تشبه رقصة الدبكه. يثوقف فجئه .... بلتف 180 درجه... ثم ينشي بهذا الشكل المميز في الإتجاه الثاني. وهلم جراً. لكل منا أغاني مختلفه نغنيها لكعوش حتى ترضيها. والدتي تغتي أغاني بالتشيكي. زوجي يغني أغاني أعراس فلسطينيه. أنا كنت أغني بالإنخليزي أغاني مختلفه. بينما كان والدي يغني لها أغاني عراقيه. مثلاً كان يغني أغنية "صدام إسمك هز أمريكا". كان والدي يبرر إختياره لهذه الأغنيه بأن كل العراقيين لا يسكتون ولا يرتعبون مثل رعبهم من سماع ذكر صدام. كان والدي متأمل أن الطاغبه الصغير في بيتنا سوف يهدئ عندما يسمع إسم الطاغيه الكبير في بغداد. أريد أن أنوه هنا أن كلنا لا نملك أي مواهب بما يتعلق في الغناء ولكن تلك الزعطوطه فعلت بنا ما لم يفعل غيرها. كنت أقضي كل ليله في المشي في الصالون من جهه إلي الجهه مع الهز والغناء. ولا أنام سوي ساعه أو ساعتين نتقطعه في اليله الواحده. مرت سنه وإنتهت أجازة الأومومه ورجعت إلي العمل ولكن نظام الهز والطرب الليلي لم يتغير. كنت أصل إلي مكتب العمل متعبه ومنهكه أرغب في النوم أكثر من العمل. كنت أذهب للحمام وأغسل وجهي بالمياه البارده حتى أجبر نفسي على الإفاقه. كنت أقف أمام المرأة وأظرب خدي اليمين واليسار بكفوف حتى أطرد الرغبه في النوم. كنت أخاف أن يجدني زملائي في العمل نائمه فوق مكتبي في يوم من الأيام ويكون موقف محرج للغايه. كنت أحيانا أجلس أمام شاشة الكبيوتر وأشعر أنه سوف يغمى علي من التعب. مرت سنه ثانيه وتعلمت كعوش المشي وإبتدأت بالكلام ولكنها كانت مصره علي طقوس الغناء والرقص اليليه. لا تنام إلا بعد حمل وهز وغناء وما أن تنام أحاول أن أظعها في الفراش ولكنها تفيق ولا تسكت إلا بعد أن أحملها أنا أو زوجي.
كانت في عطلة الأسبوع تفيق كعوش في الخامسه في الصباح وتأشر لي بأنها تريد الذهاب إلي الحديقه المجاوره لشقتنا حيث كنا نطعم العاصفير. أحاول إقنعها أن الخامسه صباحاً ليس الوقت المناسب للذهاب إلي الحديقه ولكنها تثور علي وتركل الباب وتبدئ بالبكاء الهستيري الذي يألم قلبي. أستسلم لرغبتها وأوافق علي الخروج إلي الحديقه. في الطريق كنت أجد السكارى في طريقهم إلى المنزل بعد سهره طويله في البارات يترنحون في المشي من أثار الخمر وأنا أترنح في المشي مثلهم ولكن من أثار خمر قلة النوم. علي الأقل السكرانين تبدوا عليهم الفرحه والإنبساط ولكن أنا تبدوا علي أثار الإنهاك وكأنني على وشك إنهيار عصبي. في إحدي تلك الرحلات إلي الحديقه في الخامسه صباحاً إستغربت بأني جدت إمرأة واقفه هناك تدخن سجاره. كان منظرها غريب. كنت معتاده أن تكون الحديقه خاليه في تلك الساعه. ولكن بعد فتره رأيت إبنها يتراكظ من حولها يلاحق العاصفير. إلتقت عيني بعينها وإبتدأنا بالظحك. أنا أظحك على حالتها وهي تظحك على حالتي. إقتربت مني تلك المرأة لتي لم أكن أعرفها وقالت لي
هي: هل تعرفين أن شكلك يبدوا مثل الخراء؟
إيهاث: نعم أعرف. وأنت شكلك يبدوا مثل الخراء أيضاً
ظحكنا بشكل هستيري مع بعض وعلى بعض
قرأت في كتاب عن مشكلة الأطفال الذين لا يسمحون للأهل في النوم وكانت النصيحه في هذا الكتاب أن تدع الطفل يبكي حتى يتعلم أن ينام لوحده بدون مساعدة الأهل.
إقترحت هذا الحل على زوجي.
كن انضع كعوش في فراشها ونسكر الباب عليها. وبعدها نجلس في الصالون مستمعين إلى بكائها الذي يحطم القلب. ينظر لي زوجي نظرات تقول "يا لك من أم نازيه. كيف تتحملين الجلوس هن وإبنتك تبكي في الغرفه الثانيه؟" بعد خمسة أو عشرة دقائق ينهار واحد مننا ويذهب لفتح لباب وحمل كعوش لي تهدأ وهكذا تبدأ ليله جديده من الهز والطرب في بيتنا. إقترحت علي زوجي أن نفتح صالة ديسكو في بيتنا. بما أننا نقظي كل ليله في الرقص والغناء إذاً لما لا نستفاد مادياً من كل هذا التعب. ونكون خدمنا المجتمع بأن لمينا كل الصايعين عن الشارع ولكن زوجي لم تعجبه الفكره. المهم.
إضطر زوجي للسفر بسبب عمله وقررت أن أستغل فرصة غيابه لترويض الوحش الغير نائم في بيتنا. قررت أن أنفذ خطة ترك كعوش للبكاء في غرفتها حتى تتعلم على النوم من غير هز. أربع ليالي مرت وكعوش تصيح من غرفتها... تسكت لفترة قصيره لكي تستجمع قواها على الصياح. أنا كنت أجلس في غرفة نومي آكل أضافري من الشعور بتأنيب الضمير ولكني كنت أقاوم أن أذهب إلى غرفتها لأنني كنت أعرف أن بعد سنتين ونصف من الحرمان من النوم كنت علي وشك إنهيار عصبي. على الأقل في الصباح كانت تقوم كعوش متعبه من قلة النوم مثلي.
في اليله الخامسه نامت كعوش بدون صياح ولكنني لم استطيع النوم. كنت أشعر بأن هناك شيئ غير سلم يحدث في بيتنا. من غير صياح. من غير موسيقي. من غير حفلة الديسكو. الصمت كان يبدوا لي غربا ومخيفا. قضيت اليله كلها وأنا أذهب لفحص كعوش لأتأكد بأنها لا زالت على قيد الحياة. كنت أفحص تنفسها وأضع يدي علي خدها كي أتأكد أنها ليست مصابه بالحمى. هذا السكوت كان تجربه غريبه
في اليله السادسه نمت.
وعندما أفقت اليوم التالي كان أجمل شعور في العالم أن تفيق من النوم بعد أن نمت 8 ساعات متواصله. الشعور بالعدم التعب. لا أستطيع أن أوصف شعوري في ذالك اليوم. الأستمتاع بالنوم بعد أن غاب عن جفوني لمدة سنتين ونصف. أردت البكاء من قمة السعاده.
وهنا صورتي أثناء محاولات نوم فاشله

جميلة حكايتك يا ايهاث
الله يصبرك يا ستي
بتفكرني بأختي و تعبها مع ابنها
أنا عن نفسي لو مطلوب مني اني أعتني بالديكتاتور ابن أختي برقص لليمين و الشمال بوسطي
يمين
شمال
ببطء
و من غير ما أرفع رجلي عن الارض
ساعتها بيسكت الديكتاتور اللي أنا خاله
و ساعات لو جعان ألاقيه بدأ ياكل ياقة البيجاما :)
٧:٠٢ م
إيهاث.هل تغيرت حياتك كثيرا مع الأطفال؟
يعني أفكر الآن ,كل أسبوع أذهب إلى السينما و أخرج أنا و زوجتي للكزدرة كثيرا و عندما تحين الفرصة نزور أصدقائنا و نسهر إلى الصبح. يعني هذه الحياة تعجبني. كيف سأوفق بين هذا و بين الطفل؟! أم أن عليّ أن أنسى كل هذا الترف بعد الإنجاب!
أحس و كأن الأطفال مجموعة من السجانين و الجلادين.
أعرف أصدقاء لم نعد نراهم بعد أن صار لهم أولاد.
أبوي و إمي بدهم ولد مني هذه السنة و قد ضغطوا عليّ كثيرا و وعدتهم بواحد قريبا!!!!!!يخرب بيتي شو حمار.
بس
١٢:٤٨ ص
هاهاها..مقاله طريفه..مبروك عليك الانضمام لحزب المكشرين الجدد...:)..والله يخليها لك انشاءالله..
حمد
٤:٣٤ ص
very nice thoughts
www.kadmous.org
٩:٠١ ص
عمر
لا أحب إعطاء النصائح ولكن دعني أروي لك هذه القصه. بعد عدة سنوات من الزواج إبتدأت في التفكير بالأولاد. كنت جالسه في مطعم بجانب زميلي في العمل أكبر مني في السن وعنده بنتين في سن المراهقه. سألته
إيهاث: هل تعتقد أنني المفروض أن أنجب الأطفال؟
هارفي: بكل تأكد. يجب عليك أن تنجبي الأولاد. بلا شك. أفعلي ذالك بدون تردد
إيهاث: لماذا تقول ذالك؟
هارفي: لأن بعد الجحيم الذي مريت فيه مع أولادي أريد أن يمر فيه سائر البشر حتي لا أكون وحدي في هذه المصيبه
ها ها ها
٣:٣٧ ص
الظاهر بفكر كثير قبل التفكير في إنجاب الأطفال
١١:٥٤ ص
يا حبيبي!. لن أنضم إلى جحيمكم هذا إلا بعد ال35 سنة:)
:)
no children no cry
» إرسال تعليق