<body>

خاص لموقع إيهاث: هكذا تكون البداية


Huda
Originally uploaded by ihath.

صديقتي كتبت هذه المقالة والتي أعجبتني ولذالك قررت نشرها هنا بعد أن أخذت موافقتها طبعاً

البداية
بقلم الدكتورة هدى المهدي*

تبدأ معاناة الأبوين عندما يكتشفان وجود إعاقة عند الطفل ، عادةً بعد التشخيص من قبل المختص ، و هنا تتكون سلسلة متتابعة من ردود الأفعال تتفاوت في حدتها و تعتمد على بعض العوامل مثل العمر ، المستوى التعليمي و الثقافي ، و الإستعداد النفسي خاصةً إذا كان الأبوان قد لاحظا وجود مشكلةً ما و تنبآ بها . ردود الأفعال هذه غالباً ما تكون بالتتابع التالي :
1. الصدمة : و نعني بها المفاجأة ، و هنا يكون الأبوان غير متوقعين لخبر و قوع الإعاقة أو المرض ، و تعتبر الصدمة من المشاعر الصعبة التي يمر بها أي إنسان .
2. الغضب : و هو ما يتبع الصدمة ، و هو يمكن أن يوجه لأي شخص (الزوج) الزوجة ، الطبيب ، أو الشخص الذي أعطى المعلومات .
3. النكران و الرفض : وهو أسوء مرحلة يمكن أن يمر بها الوالدان بعد التشخيص ، و هي أن ينكرا إصابة طفلهما بإعاقةٍ ما فتجدهما إما يعرضناه على أكثر من أخصائي أو يتعاملان معه و كأنه لا يعاني من أي مشكلة فيهمل و تتفاقم حالته ، وقد يظهر الرفض في عدة أشكال ، فقد يكون موجهاً للطفل نفسه . و أحد أخطر أشكال الرفض و التي تعد غير مألوفه في مجتمعنا المسلم ( ولكنها موجودة ) هو تمني أحد الأبوين الموت لطفله و ذلك عندما يصل الشعور بالإكتئاب أعلى مستوياته .
4. الألم و الحزن : و هذا الإحساس يأتي إما من وقع الخبر أو بسبب الإحساس بالذنب تجاه ما حل بالطفل ، و تلك هي المشاعر المتوقعه و التي تستمر لفترة ما بعد سماع أخبار مؤلمة .
5. الخوف : و هذه من المشاعر التي تعتري معظم الآباء و هو الخوف على مصير الطفل المجهول ، و الخوف من رفض المجتمع له أو الخوف من أن تسوء حالته . و أحد صور الخوف هو مخافة أن لا يحب الزوج أو الزوجة الطفل ، و على أي حال فإن أي نوع من هذه المخاوف قد يؤدي إلى شلل في تفكير الأبوين و يمنعهما من إتخاذ أي قرار حيال حالة الطفل .
6. الشعور بالعجز : و هذه هي المشكلة التي تحد من مساعدة الوالدين لطفلهما و هي الشعور بعدم الكفاءة و عدم القدرة على مواجهة الظروف الصعبة التي يمرون بها ، فعندما يشعر الشخص بالعجز يسهل عليه تقبل نصائح و آراء الناس حتى و إن كانت خاطئة .
7. إضطراب التفكير : و يحدث هنا الشعور نتيجة عدم الفهم الكامل لما يحدث و ما سوف يحدث و هذا من شأنه أن يحد من القدرة على إتخاذ القرارات ، و في العادة تبدو الأمور مشوشة و غير مترابطة و يصعب الوصول بعد ذلك لنتيجة نهائية .
8. و أخيراً التأقلم و إعادة التوازن : و هذا ما سنتحدث عن لاحقاً .....

هذه مقدمة مختصرة كافية بأن تعطي صوراً للوضع الذي يمكن أن يعيشه والدا الطفل ذو الإحتياجات الخاصة ، و هنا يأتي السؤال : أن يا من تأهلت لأن تشخص الإعاقة ، هل أنت مؤهل أيضاً لأن تحتوي الموقف بكل ما يحمله من أحزان و شجون ؟؟!
يولي الأطباء في الغرب إهتماماً كبيراً فيما يتعلق بطريقة إخبار ذوي الطفل المعاق بالتشخيص النهائي للإعاقة حيث أن التنبؤ بمستقبل هذه الإعاقة يتوقف على تقبل والدي المعاق لها ، و مدى تقبلهما يعتمد على إسلوب المشخص في إيصال المعلومة . فمن أنجح الأساليب التي تؤدي إلى إختصار المراحل التي قد يمر بها الوالدان بعد معرفة الخبر - ما ذكر سابقاً - وهي أن يختار المشخص الوقت و المكان المناسبين لإخبار الوالدين ، كما أنه يجب أن يستخدم إسلوباً و لغة تبسيطية تتسم بالتعاطف و الهدوء و أن يأخذ بعين الإعتبار المستوى التعليمي و الثقافي للوالدين و أن يكون مستعداً لطرح الحلول و الإختيارات و السبل التي يمكن أن تساعد الوالدان على مساعدة إبنهما المعاق فور تشخيصه . و الأهم من ذلك كله ، يجب على المشخص أن يكون مستعداً لتقبل ردود أفعال الوالدين ، فليس أصعب من أم تواجه إعاقة فلذة كبدها و ليس أقسى من موقف أب يتطلع لمستقبل متميز لإبنه يراه ينهار أمامه في لحظة .
في أول لقاء لي مع مجموعة كبيرة من أولياء أمور لأطفال معاقين ، وجدت تفاوتاً كبيراً في خبرة كل منها في الإعاقة ، فمنهم من هم حديثي العهد بها و منهم من تعايشوا معها منذ سنين طويلة ، و لكنهم إتفقوا على شيء واحد ، فإنهم و بإختلاف إعاقات أولادهم لم يجدوا من يأخذ بيدهم لحظة معرفتهم بالإعاقة ، و هذا شيء غير طبيعي و ذو دلالة خطيرة ! فمن الواضح بأن أبسط واجبات الطبيب أو الإختصاصي تجاه مرضاه لا تطبق إذاً ، فكيف هو الحال في ما هو أعقد من ذلك ؟ فهل يجب أن نمر بمعاناةٍ ما كي نشعر بمعاناة الآخرين ؟ و هل يجب أن نجرب الألم كي نمد يد العون لتسكين آلام غيرنا ؟ لا ، فالرحمة لا تعرف شروطاً و الواجب لا يخضع لمواقف دون غيرها !
و هنا أوجه ندائي لمن تأهل ليكون في هذا الموقع ، و أقول : عندما يدفع القدر أبوين بأن يطلبا مساعدتك منهما لم يختارا ذلك ، هو القدر نفسه الذي وهبهما طفلاً وضع قدميهما رغماً عنها نحو أول خطوة في طريق الإعاقة الصعب ...... فرفقاً بهما !



* أخصائية طب العائلة – رئيسة مجموعة الدعم النفسي و المعنوي بالجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين و أصدقائهم .




| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »

١:٥٨ ص
Blogger Arabi said...

إيهاث مقال رائع للدكتورة هدى و بالأمس عشت يوما في جحيم المشفى الذي كنت أعمل فيه له علاقة بتعامل الأطباء و حساسيتهم حيال المرضى. لأول مرة زرت مشفانا كمريض أو بالأحرى قريب لمريض بعد أن كنت أعمل فيه طبيبا. اكتشفت قبل يومين أن زوجتي قد تكون حاملا فقررنا أن نزور متخصص نسائية في مشفانا. و لكن ما رأيته من معاملة سيئة هناك للمرضى ذكرني بأيام عملي هناك و جعلني أحس بأن المرضى و شكاياتهم من الأطباء عندنا كانوا دائما على حق.
دع عنك المعاملة اللائقة و الصعبة أيضا لآباء الأطفال ذوي الإعاقات التي تحدثتِ عنها, هنا لا معاملة حسنة لأي مريض و كأن الطبيب يقدم خدماته مجانا و (كما نقول في الأردن) يحمل المريض جميلة.
على كل هذا كان ما أردت أن أفضفض عن مشفانا.
بالنسبة لمعاملة الآباء الذين تحدثتِ عنهم , فأعتقد أن دورات بخصوص هذا النوع من المرضى يجب أن تُعطى للأطباء كما يُفعَلُ مع بخصوص أمراض السرطان.
أن يبقى الطبيب على هذه الدرجة من الحساسية تجاه المرضى لا بل و أن يفرق بين أنواع المرضى شيئ صعب برأيي و يحتاج إلى تدريب مواز لتدريس الطب.
أخيرا آمل أن تنضم الزميلة هدى إلى المدونين العرب قريبا. و هذا سيكون فاتحة لل occupational blogging in Arabic )
:)
بس    



٢:٠٠ ص
Blogger Arabi said...

و دائما أخطئ إملائيا:)
بس    



٢:٢٤ ص
Blogger Mohammed said...

يثير مثل هذا المقال و ذات التعليق من عمر الألم فيّ
...

كيف يحقق الطبيب مثل هذا؟

جزء مني يقول أن المهنة تتعامل مع آلام الناس و انني اذا اعتبرت نفسي مريضا فسأحب درجة معينة من التعامل من الطبيب...

و جانب آخر يقول لي أن الاطباء ليسوا ملائكة و لا يوجد ملائكة بين البشر
و أنه يكفي أن تقوم بأفضل ما لديك..

و لكن ماذا لو لم يكن أفضل ما لديك كافيا؟

عندما كنت طالبا...رأيت مرة طبيبا يشاهد طفلا لديه متلازمة داون و أتت الأم لتسأل عن سبب تأخره في النمو.... توتر الطبيب ، و نظر الى عشرات الحالات التي لا بد من ان يكشف عليها أيضا ، و في النهاية قرر الفاء مشكلة اخبار الأم على كتف شخص آخر فطلب من الأم " اذا استمرت المشكلة عودي بعد شهر" ربما كانت أول مرة يكون مفترضا به ان يخبر أما باعاقة طفلها... عادة ما تأتي الأمهات عالمين بهذا لأنهم عرفوه في المستشفى بعد الولادة...    



٤:٥٢ م
Blogger بسمه said...

الطب قبل ان يكون اداء واجب هو مهنه انسانيه

احد المسنين مثلاً يذهب للعلاج عند اخصائي للقلب ولما اختار له ابنائه أخصائي اكثر مهارة من الأول ذهب له زياره واحد ورفض الذهاب بعدها الا للطبيب الاول لأنه يجيد فن التعامل ورسم الابتسامه

ربما على الأطباء الاندماج بدورات تلقنهم اصول ومهارات التعامل مع المرضى ومراعاة الحاله النفسيه لكل منهم    



» إرسال تعليق