تصلني رسائل كثيرة ويسعدني قرائة قصصكم وأرائكم ولكن قبل يوميين وصلتني رسالة من أب لولد توحدي وقد أثرت فيني كثيرا. قررت أن أنشرها هنا كما هي بدون تغيير.
قصص مشعل
بقلم ياسر الفهد
ابني التوحدي .. والروتين اللفظي
معظم الأطفال التوحديين يظهر لديهم الروتين اللفظي
أي أن يستمع الى شيء
ارتبط بذهنه دون الاهتمام بمعناه
فمثلا مشعل كان في أحد الأيام مبسوط ويتبسم
ورئى اوراق مرمية في في
المنزل فحملها اثناء سعادته وفرحه الى
والدته وكأنه يقول لها اقرئيها لي .. فقرأت له
والدته الأوراق ولكنه ركز
على بداية الورقة الأولى واستمرت والدته
في قرائتها وكلما توقفت كان يصرخ وتظهر عليه
نوبات الغضب وصارت تلك
عادة يومية تدخل أمه من الدوام
وما ان تستريح يأتي مشعل بهذه الأوراق وتقراها
له وكأنه ينصط اليها
ويفهما واستمر ذلك السلوك سنتين وهذه
الأوراق معه كأنها كتاب مقدس!!! وابتدينا نتجاهل
تدريجيا ذلك السلوك
الذي يطلق عليه ( الروتين اللفظي )
وخفت حدته تدريجيا .. وفي احد الأيام فتش مشعل
جاهدا في انحاء المنزل
حتى وجد تلك الأوراق البالية التي بالكاد
أن تقرأ وكانت المفاجأة أن الورقة الأولى قد
فقدت!!! فبدأت الأم بقراءتها
ولكنه غضب غضبا شديدا وراح يصرخ
في وجه والدته ولا تدري ماذا تفعل ... فأتصلت
بي وذكرت لي الواقعة
فضحكت!!! وقلت لها (كيف ذاكرتك؟)
قالت والله أظن انها جيدة!!! فقلت طيب انت
حافظة الورقة الأولى؟ قالت
نعم .. قلت أقرئيها ولكن أمسكي الورقة
الثانية كأنها الأولى وأنظري اليها وانت تقرئي
من ذاكرتك الصفحة
الأولى .. ففعلت وكان مشعل مبسوطا وسعيدا
جدا ... وتم تدريجيا أيضا التخلص من ذلك
الروتين اللفظي الذي اصبح
مزعجا بالنسبة للأسرة وبالنسبة للطفل الذي
يبدو غاضبا عندما لايسمع بداية الصفحة الأولى...
اصبح المقصود مما ذكرته هنا الروتين اللفظي
الذي ارتبط في ذهن التوحدي
حيث كان سعيدا ومركزا
مع ماكان يسمعه ويتطلب جهدا ليس بسهل للتخلص
منه عن طريق التغيير
التدريجي.
ابني التوحدي ومقاومة التغيير
قصة اليوم قصة مضحكة وهي كيفية التعامل مع
مقاومة التغيير لدى الطفل
التوحدي في محيط بيئتهم وذلك باستخدام
طريقة التغيير التدريجية , يصاب معظم الأطفال بسخط
شديد ونوبات غضب
(ربما تكون غير معروفة لدى الوالدين) وذلك
عند حدوث تغيير بسيط في محيط طفلهم التوحدي
مثل : أن يترك الباب في وضع
مختلف اختلافا بسيطا جداً أو أن تزاح
الطاولة عن مكانها المعتاد أو ربما علبة
المناديل الورقية في غرفة
الطفل أو أي تغيير بسيط في أي أثاث في
البيت
وسأطرح مثال مطابق لتلك الحالة و هو تضايق
مشعل عندما قمت بإخراج دولاب
كبير من المطبخ أثناء فترة غيابه
بالمدرسة وعند عودة مشعل تفاجأ و بدأ يصيح
ويصرخ قرابة اليومين أما في
الليلة الثالثة بدا هادئاً!!! وارتاحنا ولكن
عندما استيقظنا في اليوم التالي وجدونا أن مشعل
استخدم عقله البسيط
وشوه الدهان الجديد لجدار المطبخ تماما وذلكً
برسم دولاب المطبخ على الجدر شبيه بالدولاب
الأصلي وفي نفس المكان!!
طبعا ضحكنا كثيرا جدا لتصرفه ولكن نحن تفهمنا
حالته ولم نغضب أو نزعل
من الموقف الطريف لذا في مثل هذه الحالات
من المقاومة فإن إدراك التغيير لمكان الأشياء
هو المرحلة الأولى في تعديل
السلوك ، وعندما يتحمل الطفل التغيير البسيط
عندها يمكن تشجيعه تدريجياً بقبول تغيرات أكبر
وأوضح وبقدر الإمكان و
يفضل أن تكون التغيرات متوقعة أو متنبأ بها
لدى الطفل ولدى الأطفال الأكبر سناً ، وعند
تقبلهم التغييرات البسيطة
يمكنكم في الغالب أن توضح لهم التغييرات
المتوقع
حدوثها في المستقبل ، و إذا كان التغيير في
السلوك الروتيني متوقع فإن
التوحدي سيكون أكثر استعداداً لتحمل التغيرات
التي تحدث وبالطبع فإن كثيرا من الأطفال يبدءون
بالاستمتاع بالاختلاف في
حياتهم اليومية.
قصة بسيطة ومضحكة في نفس الوقت وتدل على مدى
معاناة الأسرة التي لديها
طفل توحدي وتوضح لهم ان التغيير
التدريجي مع التوضيح للطفل قدر المستطاع عن
التغيرات إما عن طريق
التواصل اللفظي ان كان الطفل يستطيع الكلام أو
عن طريق لغة الاشارة المتزامنة مع الصور
والكلام ان كان التوحدي لا ينطق
سيؤتي ثماره...
وكان الله في العون.
ابني التوحدي .. وسلك التليفون!!!
قصة اليوم هي قصة مضحكة ومحزنة في نفس الوقت
ابني مشعل طور سلوكا استحواذيا جديدا وذلك بعد
ان سافرت مربيته نهائيا
الى بلده حيث افتقدها وبدأت عليه علامات
الاضطراب واضحة وفي ذات يوم وجد
مشعل سلك تلفون لونه رمادي وطوله تقريبا متر
ونصف مسك مشعل ذلك السلك
وأخذ يلوح به يمينا ويسارا وينظر اليه بتعجب
واستمتاع
ثم ضمه الى صدره وهو يبتسم!!! كان مشعل يلعب
بذلك السلك معظم وقته وكأن
السلك لعبة!!! بعد ذلك ابتدأ مشعل يأخذ السلك
من حجرة الى أخرى يسحبه
وراءه ويجلس احيانا على الكرسي ثم يدلي بالسلك
وكأنه يصطاد سمكا وقبل
أن ينام يضع مشعل سلك التلفون الى جانبه
ويتطمن عليه بحيث يفيق من نومه
ويتفقد السلك ثم يكمل نومه .. وهكذا السلك أصبح
شيء مهم عند مشعل
واستحوذ على وقته!!!
قررنا انا والأسرة السفر الى البحرين بصحبة
مشعل
وذهبنا (في عيد الأضحى) وكان كل شيء على
مايرام الى أن وصلنا الى منزلنا
في البحرين .. وبدأت المعاناة!!! مشعل بدأ مضطربا
وبدأت عليه نوبات الغضب وبدأ يزمجر!!!!
فقالت لي والدته ماخطب مشعل؟! لماذا هو منزعج
فهو ليس أول مرة يسافر
الى هذا المكان؟
لم ينم مشعل طوال الليل ... يبكي تارة .. ويضحك
تارة اخرى!!!!
وبدأت أراقب سلوكه وحركاته فتيقنت أنه يفتقد
شيئا ما!!!
راح مشعل يدخل في جميع الحجر وانا اراقبه ...
الى ان رأيته يتفقد أسلاك
التليفزيون والهاتف والثلاجة!!!! عندها أيقنت أن
ما يبحث عنه هو سلك
التليفون!! الذي كان معه في الرياض!!! ذهبت الى
محلات الأدوات الكهربائية
واشتريت سلك تليفون ثم احضرته وانا فرحا ..
وأعطيته مشعل ... أخذه وفتحه
وراح يوزنه!!! ويقيس طوله!!! وينظر الى لونه!!!!
وبدأ يلوح به يمينا
وشمالا وجلس على الكرسي ثم رما السلك كأنه
يصطاد سمكا ... بعدها صرخ
وبكى ورمى السلك (كأنه لم يعجبه!!) اعطيته اياه
مرة أخرى!!! لم يتقبله
ذهبت واشتريت اربع أنواع من اسلاك التليفون!!!
فلم يقبلها!!! وبدأ غاضبا
ولم ينم في اليوم الثاني الا ثلاث ساعات ...
ياترى ما الحل!!!؟
قلت لأم مشعل بعد اذنك انا رايح الرياض!!!!
تعجبت لماذا؟ قلت اجيب سلك
التلفون ( وضحك بصوت عالي من الموقف) قالت مافي
حل ثاني؟؟ قلت مافي!!
سافرت الى الرياض مرة اخرى وأحضرت سلك التليفون
الذي بدأ باليا!!!
ورجعت في نفس اليوم ثم فاجأت مشعل بسلك
التلفون!!! فرح وراح يركض من
الفرح ويرفرف يديه وينط في مكانه!!! (كل ذا
عشان سلك تليفون)!!!
واخذ السلك ثم بدأ يلعب به كما كان في
المنزل وهدأولله الحمد ثم نام
وبجواره السلك...
سبحان الله ... يتعلق الأطفال التوحديين بأشياء
غريبة وتكون لهم ادوات
أمان ولكن ما ان تستحوذ عليهم كليا إذا يجب
التدخل بوسيلة التغيير
التدريجي حتى نحد من السلوك الاستحواذي وبدأنا
بعمل الخطة لتخليصه من
السلك تدريجيا فكنت انتظر حتى ينام وأقوم بقص
السلك وأقصره شبرا يوميا
وكان يقوم في اليوم التالي ويلعب بما تبقى
من السلك حتى لم يتبقى من
السلك سوى مقدار شبرا!!! وكان مشعل مبسوط ويلعب
بما تبقى منه الى أن
اختفى السلك ولم
يعد يهتم مشعل بسلك التليفون
ابني التوحدي .. ولعبة الدبالتوحد هو احد الاضطرابات النمائية المعقدة وتحتاج
الى العديد من
التدخلات المضنية لتعديل السلوكيات الغير
مرغوب فيها وعلى سبيل المثال سلوك التجميع
الاستحواذي حيث
نجد عددا من الأطفال يقومون بتخزين عدد وافر
من الأشياء بدلاً عن الانغماس
في نشاطات طقوسية بوضع
الأشياء في صفوف لانهاية لها مثل : مشعل
بالإضافة للكمية الهائلة من
العملات أيضاً يجمع لعب السيارات بشكل
علب الكبريت.
وقام مشعل لأكثر من سنة بتجميع جميع الدمى
على شكل دب التي استطاع
الحصول عليها و بعضها قمنا بشرائها
له واخذ بعضها من الأطفال وعند التدخل وصل
العدد إلى 18 دبا ووضعهم في
كرسي الخاص بي في غرفة
المعيشة وكان مشعل يدرك تماماً إذا ما أخذ
أي دب من دببته أو تم تحريكه
من مكانه في الكرسي .. في البدء قمنا
بأخذ دب صغير جداً ووضعاه داخل دببة أخرى
ولم يسمح لمشعل بوضعه في
الكرسي وذلك بربطه في كرسي
آخر بخيط صغير وفي خلال الأسبوع التالي تم
أخذ الدب تدريجياً لغرفة مشعل
وفي هذه الفترة تم أخذ دب آخر من
الكرسي وتم تشجيع مشعل على اللعب بهذه الدببة
في أوقات أخرى من اليوم
وبذلنا مجهودا كبيرا لجعل مشعل
يمارس نشاطات تمثيلية مثل غسل أو إطعام الدببة .
وتدريجياً ولمدة أكثر من خمسة أسابيع تم سحب
جميع الدببة من الكرسي ولأول
مرة استطت الجلوس على الكرسي بعد
أكثر من سنة !!
و مازال مشعل يشجع على التعامل مع لعبته إلا
أنه لا يسمح بتجميعها , وبعد
سنة مازال متعلقا بدببه وكان يعلم
مكان كل دب منهم لكنه لا يقوم بتجميعها ولا
يصر على بقائها في مكان معين
في البيت.
قصة قصيرة جدا تظهر سمة التجميع الاستحواذي
وكيفية التعامل معها تدريجيا
طبعا قصة مضحكة ومحزنة فعندما نستعيد قصة السلك
انا ووالدته نضحك وقلبنا
يدمي لحالة هؤلاء الأطفال الذين لاحول لهم
ولاقوة بحيث تصور السلك لهذا
الطفل
التوحدي انه مهم جدا في حياته!!!!
ابني التوحدي .. وباب السيارة الأيسر!!!
قصة قصيرة جدا فيها نوع من البراءة للطفل
التوحدي وعلى اسرته التحلي
بالصبر دون ان تفقده!!!
ابني مشعل يقوم بجولات يومية في السيارة مع
مربيته والسائق وتحديدا
الساعة الخامسة عصرا .. فما أن
أن تشير الساعة الى الخامسة يقوم بلبس ملابس
الخروج ويلبس حذاءه ويقف
عند الباب
لكي يخرج ... سبحان الله .. نفس الموعد كل يوم
وهو لا يعلم الساعة!!!
ذهب السائق الى اجازته السنوية .. وابتدت المعاناة
حيث انني امضي ساعات
طويلة في العمل
فلم اشعر بما تعانيه أمه من ذلك السلوك ..
وهي لم تخبرني .. حتى ازداد
السلوك حدة ..
مشعل يريد الخروج .. ولا يوجد السائق .. وانا
موجود في العمل.. لاحول
ولاقوة الا بالله
اتصلت بي وشرحت الموقف .. قلت انا جاي الآن ..
مشعل ظلّ واقفا ولم يقعد
منذ الخامسة وحتى
السادسة والنصف ... دخلت المنزل .. ثم سحبني مشعل
الى الخارج .. كأنه
يقول : انت كنت فين؟!!
مش عارف اني لازم اخرج كل يوم في نفس
الوقت؟!!
أخذته الى سيارتي (يختلف لون سيارتي عن سيارة
الأسرة) وقف يصرخ .. ثم
ذهب الى السيارة الأخرى!!!
ناديته الى سيارتي فلم يستجب... قلت لوالدته
اعطيني بعض المعززات التي
يحبها مشعل وكانت آن ذاك الشيبس
وابتديت أشاور له بالشيبس .. فرح واتى راكضا
الى السيارة .. واعطيته
المعزز... فتحت باب السيارة الأيمن له ..
فظل واقفا ونحن في السيارة ... لاحول ولا قوة
الا بالله ... يامشعل ادخل
السيارة ... لم يستجب مشعل
لأنه توحدي ... بعدها أخذت أسأل والدته أين
يجلس مشعل في السيارة
الأخرى .. أجابت يجلس في المقعد الخلفي
خلف السواق ... عرفت السبب .. قمت وفتحت الباب
الأيسر .. فرح مشعل ..
واخيرا صعد الى السيارة
وذهبنا به نتجول وهو ينظر من شباك السيارة
وأثار الفرح عليه .. استمرت
تلك الحالة معه لمدة اسبوع
حتى تأقلم مع تغيير الوقت والسيارة وبدأ بعدها
سعيدا...
ابني التوحدي ... ومشكلة النوم!!!!قصة اليوم هي معضلة ربما يواجهها العديد من
الذين منّ الله عليهم بطفل كم
ذوي التوحد وهذه المعضلة هي معضلة النوم
ومشاكله ... فالطفل التوحدي يحب
الروتين حبا جما ولا يستطيع التأقلم مع التغير
المفاجيء لحل المشكلة
وربما
يسفر عدم تفهم الأب لمشكلة طفله ومعاناة والدته
الى حالة الطلاق (لاسمح
الله)
ولذلك اردت ان استعرض معكم هذا الدرس الذي
سيسهم في حل مشكلة النوم لدى
التوحديين.......
بدأت مشكلة مشعل تدريجياً بإصراره على أن تقضي
والدته معه وقت طويل في
غرفة نومه حتى ينام وبذلك بدأت والدته تقضي
طوال الليل معه ، وبعد أول
محاولة لتجاهل اعتراضه عند تركها لغرفة نومه
تنازلت عن أية محاولة أخرى
بسبب الإزعاج الذي يصدر منه مما دعا الجيران
الى أن يبدوا تذمرهم
لنا!!! .
وخلال الستة أشهر الأولى قبل التدخل لحل
المشكلة كانت والدته تنام معه في
سريره كل ليلة وكان وجودها معه يجعله مرتاحاً
عندما يصحو من نومه إلا أنها
كانت تعاني من عدم النوم الكافي وكانت نادراً
ما تجد فرصة لمباشرة حقوق
الزوجية . وأصبح يجب أن يكون هناك حل لمثل
هذه المعضلة!! لذلك تم
استخدام
العلاج التدريجي لهذه الحالة وذلك بانسحاب
الأم تدريجياً من غرفة نوم مشعل وفق الخطة
التالية:
أولاً تم وضع مرتبة قابلة للنفخ في غرفة
مشعل (وكانت غرفة صغيرة لا يمكن
وضع سرير آخر) . ووضعت المرتبة بجوار سريره حتى
تستطيع والدته القيام
باحتضانه بمجرد استيقاظه كالعادة.
وتدريجياً بدأت تزيح المرتبة بوصة ثم بوصة أخرى
حتى تستطيع الأم أن تتحدث
معه وتلمسه عندما يستيقظ لكن لا تستطيع أن
تحتضنه بسهولة
وتدريجياً بدأت والدته تبعد المرتبة عن سريره
في اتجاه الباب وعند
استيقاظه
تستطيع إرضاءه بالحديث فقط ولا تستطيع لمسه وفي
فترة وجيزة تقبل
مشعل هذه التغيرات التدريجية وفي الشهر الثاني
من العلاج قامت والدته
بوضع
فراشها في الصالة بين غرفة مشعل وغرفتها . وفي
نهاية الشهر الثاني
استطاعت الأم أن تعود لغرفتها ، ورغم أن
مشعل مازال يستيقظ من نومه
أحياناً
إلا أنه يمكن التعامل معه بسهولة بمجرد مناداته
عن بعد وتشجيعه للنوم مرة
أخرى لم يقم مشعل ببذل أي مجهود في العودة
لفراش والديه ليلاً ، وهذا
التغيير
في طريقة نومه لا يعني فقط
أننا استطعنا النوم في فراشهنا الخاص بل أيضاً
استطعنا
الخروج سوياً في المساء تاركين مشعل مع
المربية. لتعود الحياة الزوجية
الى نصابها ورونقها بعد عناء وكفاح....
ابني التوحدي .. والمنزل الجديد!!!
كما تعلمون ان التغيير البيئي المفاجي يؤثر على
معظم الأطفال والكبار
التوحديين لذلك ينبغي على الأسرة
توخي الحذر والحيطة في حال تغيير البيئة للطفل
التوحدي وذلك عن طريق
تهيئته مسبقا .. وهذا ما قمنا بعمله
مسبقا مع ابني التوحدي مشعل .. حيث قررنا
الانتقال الى المنزل الجديد
بعد أكثر من 13 سنة حيث كنا نسكن في منزلنا
القديم
الذي تأقلم معه مشعل منذ طفولته .... وسوف يصعب
على التوحدي التأقلم مع
أي شيء جديد في حياته .. وضعنا خطة
صغيرة في بداية الأمر حيث كنا نأخذه الى
المنزل الجديد يوميا مساءا
وننزله اليه وكان لا يقاوم ذلك وكنت اريه
الحجرة
التي اخترتها لتكون له في هذا المنزل وأكلمه
(مشعل هذه غرفتك) .. يتبسم
مشعل ولكن لم يدرك الأمر جيدا .. لكنه
بدأ يتأقلم مع المكان رويدا رويدا... ففي بداية
الأمر يتجول مشعل في
المنزل ثم يقف عند الباب (أي بما معناه ..
الزيارة
انتهت) وكنا نعيده الى المنزل القديم وهكذا
استمرت عملية التهئية قرابة
4 أشهر !!!
وحيث اننا كأسرة نتفهم وضع الطفل فإنني نقلت
له غرفته بالكامل مع الأخذ
في الاعتبار وضع كل شيء في مكانه لكي لا
تختلف علن المنزل القديم ...
وبعد تلك الاجراءات انتقلنا الى المنزل الجديد ...
ولكن مشعل لم يزل غير
مقتنع بذلك!!! حيث كان يتجول في المنزل
ثم يقف عند الباب لكي يعود الى المنزل
القديم!!! وقد عانينا من ذلك
الأمر جدا .. حيث وعلى الرغم من ان غرفة مشعل
كما هي لم تختلف إلاّ أنه كان يصر على أن
النوم يجب ان يكون في المنزل
القديم... لا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم
كم كانت تلك المعاناة صعبة جدا ... حيث كنا
نهدئ من روعه ونداعبه
ونحاول معه كل السبل لاقناعه ان هذا هو
منزلنا
ومكاننا ..
كان الأرق يبدو واضحا على مشعل من قلة النوم
وظهور سلوكليات توحدية
جديدة مثل الصراخ والبكاء ولكننا نتفهم وضعه
وكنا نجلس معه حتى أوقات متأخرة من الليل
وأحيانا الى الصباح!!! وكنا
نخرج به يوميا ونذهب الى المنزل القديم
ثم نعود الى المنزل الجديد .. إلى أن تأقلم
بعد قربة الشهر والنصف ..
والحمدلله رب العالمين ...
إذا اخوتي وأخواتي التهيئة المسبقة مهمة جدا
إذا اخذنا بالاعتبار حالة
الطفل التوحدي وامكانية فهمه لما نقوم به حيث
ستسهم تلك التهيئة من تخفيف حدة التوتر الناتج
عن التغيير البيئي
المفاجي للطفل التوحدي...
وكان الله في العون ...
ابني التوحدي .. والتلفزيون القديم!!!
قصة اليوم هي عبارة عن واقع اضطراب التوحد
الذي يكمن في التغيير البيئي
المفاجيء والذي بدوره يؤثر على التوحدي سواء
كان طفلا أم بالغا .. ومن
هذا المدخل أسوق لكم قصة إبني التوحد والتي
حدثت اليوم حيث أن إبني
الآخر فاز بجهاز أوربت للقنوات الفضائية أثناء
تسوقه وتم الاتفاق على
تركيب الجهاز من قبل الشركة وبالفعل حضر مندوب
الشركة وقام بتركيب
الجهاز .. ولكن لم يكن هناك جهاز تلفزيون في
حجرة إبني الآخر!! بل كان
هناك جهاز تليفزيون قديم له قرابة 10 سنوات
ولكن كان في حجرة إبني
التوحدي (يادي المصيبة!!!).. وأثناء خروج ابني
التوحدي للتنزه بالسيارة
مع السائق ومربيته قمنا بنقل جهاز التلفزيون من
حجرته إلى حجرة إبني
الآخر وقمنا بتشغيله (الحمدلله إنه اشتغل.. بقاله
سنين محطوط زينه!!!)
وبدأ ابني يتابع قناة ديزني وبرامج الأطفال
الشيقة .. ولم نحسب حساب ردة
الفعل التي ستكون من جراء ذلك التغيير البيئي
البسيط الذي قمنا به في
غرفة إبني التوحدي...
عاد ابني التوحدي من نزهته ودخل إلى حجرته
وكنت أتابع ردة فعله ولكنه
لم يظهر شيئا حتى ساعة متأخرة من اللية
(بالتأكيد كنت سعيدا لأنني كنت
أعتقد أنه تقبل التغيير!!) .. حيث قام وذهب إلى
غرفة أخيه وسحب سلك
الكهرباء الخاص بالتلفزيون من فيش الكهرب ووقف
يحاول أن يحمل ذلك
التلفزيون وكنت أراقب ردة فعله حيث أنه بدأ
يتضجر ولم يتحرك من جانب
التلفزيون وكأنه يقول:
(انتو بتهببو إيه؟؟؟؟؟؟؟؟) ده تلفزيوني أنا وحتى
لو ما شغلته لمدة
سنتين أصبح من أملاكي الخاصة وجزء من بيئتي
التي أعيش فيها!!!!!!!!!
وكنت أحاول اقناعه بالذهاب الى حجرته ولكنه رفض
ذلك ووضع يده على
التلفزيون (يا أنا يا إنتو) حاولت مرة أخرى
إقناعه ولكن دون جدوى
وابتدأت الزمجرة والغضب عليه.. وتحت زمجرته وعناده
وإصراره (كونه توحدي
كلاسيكي) فعلت مايريد وأمري الى الله .. حملت
التلفزيون وما أن رآني حامله
حتى تبسّم ورفرف يديه وأخذ ينطنط في مكانه
من سعادته ومشى أمامي إلى
حجرته وهو يطالعني ويراقبني إلى أين أذهب ،
ووضعت التلفزيون في نفس
المكان السابق وقمت بتشغيله لأول مرة منذ فترة
من الزمن!!!!!!!! كان
أيضا يقاوم عملية التشغيل ولكني أعرف ماذا يحب
ففتحت له القناة
الرياضية على مباريات كرة القدم فبدأ سعيدا حيث
أنه يحب الكرة والتعليق
على الكرة.. وهكذا نتعلم من هذه القصة أن
التغيير يجب أن لا يكون مفاجئا
بل يكون بالتدريج لكي يتقبله الطفل التوحدي أو
البالغ التوحدي حيث ربما
تكون ردة الفعل الصادرة من التوحدي كبيرة جدا
وخارجة عن السيطرة في بعض
الحالات مما تزيد من إرهاق الأسرة التي ربما
لا تعرف كيف تتصرف مع الموقف.
نسأل الله أن يعيننا على أبنائنا التوحديين ..
عندما نطق ابني التوحدي!!!!
ابني مشعل عمره الآن قرابة 16 عاما وهو من
ذوي التوحدي الكلاسيكس وهو لا
يتكلم بل يتفوه ببعض الكلمات
الغير مفهومة مثل البأبأة والمأمأة والكأكأة و
أرررر وغيرها من
الحروف.. لا يخفى عليكم مشاعري كأب أو
مشاعر والدته كأم من حيث أننا كنا نتمنى أن
نسمع منه كلمة ينادينا بها
مثل جميع الأطفال الطبيعيين ولكن شاءت
قدرة المولى أن يستمر مشعل طفلا توحديا صامتا
حتى يومنا هذا...
كنت ذات يوم أنا وزوجتي ومشعل وكان عمره
قرابة الخمس سنوات .. خرجنا في
نزهة مسائية بالسيارة وكان
مشعل يتأمل مناظر الأنوار والسيارات التي تعدي
من جانب سيارتنا ... وكنت
أقود بسرعة متوسطة نظرا لزحمة
السير ... وفجأة سمعت مشعل يناديني .. يـــــاسر
بصوت عالي!!!! التفت
إليه وتركت السيارة تمشي دون تدارك
مني للموقف المفاجيء حتى كادت ان تصطدم
بالسيارة التي أمامي .. وأقشعر
بدني من ذلك الموقف وسألت أم مشعل هل سمعتي
مثل ما سمعت؟؟ قالت نعم
فنظرت اليه وقلت له نعم فلم يعيرني اي
اهتمام بل أخذ يستخدم لغته
الخاصة التي ذكرتها سابقا ... وكأن لم يكن
شيئا... حمدت الله أن سمعت ابني يناديني حتى
بإسمي .. وبعدها لم ينطق
ابني الى ان كان عمره قرابة 11 عاما
حيث كان يسمع الأذان وعندما وصل المؤذن عند
قول (حي على الصلاة) الفت
مشعل وقال (حيّ) ولم يكمل
العبارة ... وهكذا استمر مشعل الى يومنا هذا لا
يتكلم...
وعندما سألت الخبراء من مراكز ابحاث التوحد عن
حالة التوحدي والنطق
أجابوني بالتالي:-
إذا لم ينطق الطفل بكلمات مابين سن الخامسة
والسابعة من عمره فإنه لن
ينطق إلى الأبد ... ولكن الأمل بالله
كبير سبحانه وتعالى .. وذكر لي العلماء حالة
سيدة توحدية صامتة نطقت
بعد التدريب المكثف وكان عمرها 44
عاما!!! وهذه حالة استثنائية لا تنطبق على
الجميع ...
إذا هناك قابلية ولكن ....!!!
نسأل الله أن ينطق أبناءنا التوحديين انه سميع
مجيب..
____________