<body>

الديموقراطية والحب


عندما كنت طفلة قرر والدي أن يعوضنا عن النقص في تعليمنا وثقفتنا بسبب تربيتنا في دولة غير ديموقراطية. كان والدي يرغب أن يعلمني أنا و أخي مبدأ الديموقراطية والحرية الشخصية بالرغم من أننا كنا نسكن في الكويت. وقرر أن أحسن طريقة لتعليمنا هذه المبادئ المهمة هي أن نطبقها في عائلتنا الصغيرة. أعلن والدي في يوم من الأيام أن عائلتنا أصبحت عائلة ديموقراطية. وأن اللجنة المركزية للعائلة سوف تعقد إجتماعاً كل ليلة خميس لنقاش أمور تتعلق بعائلتنا المصونة ومن بعدها سوف يتم التصويت الديموقراطي على القرارات. ولكل فرد في العائلة صوت واحد متساوى.

يا عيني على العائلة التقدمية!

المهم

فعلاً أصبحنا نجتمع كل ليلة خميس .... نحظر ورقة عمل .... نتناقش .... ومن بعدها نصوت على القرارات.
وهكذا كنا نقرر في أي مطعم نذهب للغذاء يوم الجمعة أو في أي بلد سوف نقضي أجازة الصيف .
خلال فترة قصيرة إنقسمت العائلة إلى حزبين متعادلين في القوة: حزب الأم والأب وحزب إيهاث وأخاها.
كان والدي ووالدتي غالبا متفقين في القرار وانا وأخي أيضا متفقين. وكان أمل حزب الأطفال الوحيد في الفوز في أي قرار عائلى يتعلق في إقناع والدتي أن تغيير حزبها وتنظم لنا. ولكنها كانت في غالب الأحيان تنحاز لوالدي ساعة التصويت.
في يوم من الأيام ناقشنا في إجتماع اللجنة المركزية فكرة شراء كلب أليف يشبه الكلب في مسلسلنا المحبوب لاسي. تحمس أعضاء حزب الأولاد للفكرة جداً. ولكن رفض والدى الفكرة بتاتاً .... لانه لا يطيق الكلاب ولا يطيق منظرها ولا يطيق رائحتها وبما أننا نعيش في شقة إذا ً لا مكان للكلب. ولكن ساعة التصويت فاجئت ماما الجميع وكان قرارها مؤيد لفكرة شراء كلب يشبه لاسي.
ولكن والدي رفض الفكرة تماماً.

ولكن يا بابا لقد تم القرار بالشكل الديموقراطي والقرار ينص على شراء كلب أليف يشبه لاسي.
قرر والدي في تلك اللحظة إعطاء نفسه حق الفيتو باللجنة المركزية بصفته المعيل الوحيد للعائلة وأن من حقه إستخدام حق الفيتو متى يشاء.
وهكذا أصبحنا نتناقش ونقرر بالطريقة الديموقراطية الأشياء الغير مهمة مثل إختيار المطاعم أو أماكن الأجازة .... أما القرارات المهمة أو المصيرية فقد كان والدي يقررها بحق الفيتو الخاص وأصبحنا لا نهتم حتى أن نفتح المواضيع التي ينطبق عليها الفيتو الأبوي الدكتاتوري

أصبحنا نسميها ديموقراطية عرجاء
ديموقراطية فاللصوا

وفي يوم من الأيام رجع والدي من العمل في المساء ليجدني مع أخي في الصالون نرفع شعارات مكتوب عليها "يسقط حق الفيتو" وما أن دخل والدي البيت حتى إبتدأنا برفع الشعرات التى عملناها بأيدينا وصرنا نهتف

يسقط حق الفيتو
يسقط
يسقط
يسقط
تسقط الديكتاتورية
تسقط
تسقط
تسقط

يظهر أن عيار درس الديموقراطية كان زايد حبيتين

جلس والدي وهو يضحك
سألني أن أجلس بجانبه وأشرح له مطالبي
إيهاث: أريد إلغاء حق الفيتو الأبوي الديكتاتوري
الوالد: بلاش شعارات فارغة ... أعطينى الزبدة .... ماذا تريدين بالضبط
إيهاث: أريد إلغاء القانون الذي يسمح لي بزيارة صديقتي في عطلة الأسبوع فقط ويمنعني من زيارتها أثناء الأسبوع أثناء السنة الدراسية
الوالد: يا حبيبتي. أنا أبوك وأحبك. ... أنا أكبر منك سناً وعندي تجارب في الحياة أكثر منك.
عندما أمنعك من شيئ فهو لمصلحتك
أنت متفوقة في الدراسة وأريدك أن تبقين هكذا .... هذا فائدة لمستقبلك
إذا أصبحتي تقومين بالزيارات الإجتماعية خلال الأسبوع ... إذا متى يصبح عندك وقت للدراسة وأداء الواجبات المدرسية؟
ثم أن صديقتك أيضاً عندها واجبات مدرسية وقد تكون مشغولة أثناء أيام الدراسية
الزيارات الإجتماعية خلال عطلة الأسبوع فقط

تناقشت كثيراً في ذالك اليوم محاولة إقناعه أنني أستطيع التنسيق بين الدراسة والحياة الإجتماعية ولكن بدون فائدة

ديموقراطية
حرية شخصية
فكر تقدمي
ليبرالية
قرأنا كتب كثيرة
وحلمنا أحلام كبيرة
وتكلما عن شعرات قوية
راديكالية
مستقبل أحسن

ولكن في النهاية سمعت نفس الخطاب الذي يسمعه كل طفل في كل عائلة من الصين حتى فرنسا .... الخطاب تبع "أنا أبوك وأعرف مصلحتك أحسن منك"

أما عن نفسي اليوم .... فأنا لا أمثل على أولادي أننا عائلة ديموقراطية .... وجود ثلاثة أعضاء في حزب الأطفال يمثل خطر ديموغرافي على حزب الأباء والذي فيه عضويين فقط
وبجانب ذالك ... نحن نعيش في دولة ديموقراطية وبالتالي لا يحتاج أولادي إلى درس خاص في هذا المبدأ
أسمح لأولادي إختيار المطعم الذي نتناول فيه وجبة الغذاء يوم الأحد
أسمح لإبنتي زيارة صديقتها خلال أيام الدراسة ولكن بشرط إنهاء الواجبات الدراسية أولاً
ولكن زوجي يرفض فكرة الكلب برغم إلحاح الأولاد
وأنا لا أريد مظاهرات في صالون المنزل

| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »
| إيهاث »

٦:٥٩ ص
Blogger 4thH said...

رائع يا مدام

وحشتني جدا كتاباتك الحميمه الاليفه للغايه

keep it up    



٢:٤٦ ص
Blogger Tara said...

تعرفي يا ايهاث
بعد ان جربت الديكتاتورية والديمقراطية
اكتشفت ان الاثنين واحد
في الدكتاتورية كنا اذا قلنا رأ يا"و مطلب نرسل الى الاعدام
واليوم تستطيعين قول اي شيء وكل شيء
في الجرايد في الراديو وفي العلن لكن و لا أحد يهتم لكلامك ولا اي شيء يتنفذ
كله واحد    



١٢:٢٨ م
Blogger IronMask said...

موضوع مهم الواحد يفكر فيه،
عن نفسي انا ام اجرب بعد الديمقراطية كأب ، فأنا لم اتزوج بعد ، لكن عانيت من ديكاتورية الاهل لفترة طويلة ، انتهت لما اصبحت في سن الاربعة عشرة ، لما كان قراري انه مافي حل للديكتاتورية في العائلة سوى انه اترك المنزل ، اعتقد هذه الطريقة كانت حل جيد لمشكلتي مع ديكاتورية الأهل ، وهي بنفس الوقت على ما اعتقد تنفع مع ديكاتورية الانظمة، يعني لو احب اخلص من هذه الديكتاورية الحل الوحيد هو الهجرة بعيدا عنها

يمكن حل سلبي ، بس هو الحل الاسلم رغم انه حل محض فردي

بس ليكن ، انا بالنتيجة لازم عيش حياتي وما قدرش انتظر لحين تزول الديكتاتوريات من العالم


موضوع رائع يا إيهاث، خلاني فكر كتير ، بأشياء كنت مطنشها :)    



١:٠٥ م
Blogger ihath said...

زميلي في التدويين أيرون ماسك

من التجارب المرعبة جداً أن أفتح فمي وأجد كلمات والدي تخرج منها

كوني أم يجعلني أتفهم ... أحتار ... أرتعب .... وأغيير تفكيري عن الأممومة والأبوة

"أنا أمك وأعرف مصلحتك أحسن منك"
لم أقلها بعد .... ولكن هل مكتوب على كل أم أن تقولها في يوم من الأيام؟

لست أدري

الزمان بيننا    



» إرسال تعليق