معلش يا أم جمال.....المسامح كريم.....صحيح إنه هو ضربك...بس إنت كمان طولت لسانك عليه.
صلي علي النبي يا أم جمال.....سامحيه يا بنت الحلال....لا تخلي عقلك يصير يابس.....وبعدين الأمور إذا كبرتيها بتكبر إذا صغرتيها بتصغر.
بنعرف إنه ضرب إبنك الصغير.... بس شو يعني لما الولد بيضربو عمه....مش يمكن الولد كمان غلط في الكلام؟
طبعاً هو ماكنش لازم يضرب إبنك الصغير....بس الأمور صارت في ساعت غضب. لو نظرت للأمور من ناحيه ثانيه رح تلاقي إنه الأمور مش سيأة لهاي الدرجه. وبعدين الحمد لله علي سلامة إبنك.... هياه زي التيس قدامك....يعني ما صار شي....يعني لو عمه كسره إيده ولا رجله كان بيطلعلك تحكي....الرجال ضرب إبن أخوه علشان يربيه...إنت مالك؟.... الولد راح عندك يعيط وإنت إتنرفزتي....وبدل ما تحاولي إنك تهدي الأمور...رحتي ركضتي علي أخو زوجك ترقعي بالصوت.....الحاره كلها سمعت صياحك....وحلفتي ميت يمين إذا مد إيده علي إبنك كمان مره رح تكسري راسه. شو كان بدك الرجال يساوي؟ يقعد يتفرج عليك وإنتي بتهيني فيه؟
طبعاً هو ماكنش لازم يضربك.....خصوصاً إنك حامل في الشهر السابع....وطبعاً الحق عليه لأنه أجهضتي الجنين و دخلتي علي المستشفي. بس عوضك علي الله. إلي صار صار. وبعدين إنت عندك عشر أطفال--- ما شاء الله. شو بدك في 11؟ خلص كفايه تجيبي أولاد.....اليوم مش زي زمان....اليوم الواحد لازم يخلف أقل. ما كان لازم تحملي من الأول..... وتاني مره بتخلي زوجك يتفاهم مع أخوه ..... إنت مش لازم تدخلي في أمور الرجال.
لأ يا أم جمال.... ما في عندك حق.... أذا رفعتي عليه قضيه أو رحتي بلغتي الشرطه, رح تجيبي المشاكل لنفسك. ورح تخربي العلاقات في العيله الواحده....شو رح يقولوا الناس علينا.
عيب....خلص....سكتي الموضوع....الفأس وقعت في الرأس...و لا حول ولا قوة إلا بالله.... المولود مش رح يرجع إذا دخل أخو زوجك علي السجن.
إن الله مسامح.
......
جلست في غرفة المستشفي أستمع لكل النساء يحاولون تهدأة أم جمال وإقناعها بأن لا تبلغ الشرطه بحادثه الضرب. الضرب المبرح الذي أدي أن تجهض مولود في الشهر السابع من الحمل. وكان وجه أم جمال محتقن بالدماء. كانت
جالسه في فراش المستشفي تصيح و تتوعد بالإنتقام. "رح أخرب بيته!". قالت أم جمال. واحده من بين عبارات كثيره قالتها في ذالك اليوم.
في نفس الوقت تصيح ثمانية نساء عبارات, ذكرت بعض منها. إرتفع صوت أم جمال و كذالك صوت النساء الزائرات إلي مستوي رفيع جداً. وبعض قليل شعرت أم جمال بالإرهاق و سكتت. في مبارزة الصياح لم يساعد أم جمال أنها كانت تتحدي ثمانية صائحات ذوات الحزام الأسود في الصياح. وبعد أن إنتهت كل واحده من شرح وجهة نظرها المشابه لوجهة نظر زميلاتها....عم السكوت في غرفة المستشفي. وقعدنا جميعاً ننظر إلي أم جمال المنهكه من يوم في بدايته صياح و في نهايته المزيد من الصياح.
كنت الوحيده في تلك الغرفه التي لم تقل شيأ.
إذا كان الكلام من فظه فالسكوت من ذهب— هكذا يقول لنا المثل العربي.
نظرت أم جمال في عيوني بتأمل وثم سألتني عن رأي في الموضوع.
بادلت أم جمال النظرات المتأمله. فوجدت نفسي مركز النظرات في الغرفه. إنتقلت كل النظرات من تمركزها علي أم جمال إلي. إلتفت حولي بحيره من أمري. وهكذا إبتدأت مبارزه جديده ولاكن بسلاح النظرات. الزائرات يعطوني نظرات تقول. " يا ويليك...يا سواد ليلك...لو شجعتي أم جمال في تهديداتها". وأم جمال تقول لي بعينيها " فاكره كل كلامك عن حريه المرأه....حقوق المرأه....المساواة بين الجميع".
لم يساعدني في التحدي أنني كنت واحده ضد ثمانية متمرنين علي النظرات الفتاكه منذ سن الطفوله.
سكوت
....
.سكوت
....
سكوت.
المزيد من نظرات التأمل بيني وبين أم جمال.
عم السكوت في الغرفه.
وبعد دقائق بدت لي كالأزل. قالت أم جمال. "ما في داعي تحكي. أنا بعرف إيش رأيك في الموضوع من غير ما تقولي".
أنقذتني أم جمال بعبارتها تلك.
مثل كل القصص, لهذه القصه نهايه.
أم جمال تركت المستشفي ورجعت علي بيتها بهدوء.
الشرطه لم تبلغ بسبب إجهاض الجنين.
وأنا لم أسترجأ بعد هذا اليوم أن أعطي لأم جمال محاضرات سخيفه عن حقوق المرأة.
كنت زمان أعتبر نفسي بصفتي إمرأة متعلمه أني ممكن أن أعلم إمرأة أميه مثل أم جمال دروس كثيره عن الدنيا. ولاكن في ذالك اليوم علمتني أم جمال درساً لن أنساه في حياتي
علمتني أنني في المواقف الصعبه أصبح خبيره في السكوت.