فشلت أن أتوه في طريفة
١١/٢١/٢٠٠٥
أغنية التدوينة
وقفت في بلدة طريفة أتأمل البحر وأفكر في كل الأحداث الغريبة والعجيبة اللتي جلبتني لهناك.
بلدة طريفة الإسبانية هي أكثر بلدة جنوبية في كل قارة أوروبا وهي بذالك أقرب بلدة أوروبية من قارة أفريقيا. وقفت على شاطئ بحر طريفة أري المغرب عبر البحر من أمامي, البحر الأبيض المتوسط من يساري والمحيط الأطلسي عن يميني. تستطيع في طريفة أن تركب قارب وتكون موجود في طنجة المغرب خلال نصف الساعة.
سمعت أول مرة عن طريفة عندما قرأت رواية الخيميائي من تأليف باولوا كوليهو. بطل الرواية ... سانتياغو ... يقف على صخرة مرتفعة في بلدة طريفة ويتأمل البلاد الغريبة والعجيبة عبر البحار ويتخيل ويحلم بالسفر لهذه الأماكن. وهناك في تلك اللحظة تتغير حياته عندما يقابل رجل كبير في السن والذي يأمره بأن يغيير حياته ويسعى وراء أحلامه ويقطع الصحراء لرؤية الأهرام
سمعت كلمة طريفة مرة ثانية عندما أهدتني نوعة سي دي مكتوب عليه راديو طريفة. نوعة طالبة جامعية تعمل كناشطة سياسية في منظمة مناهضة للإحتلال في إسرائيل إسمها تعاييش –
قررنا إستضافة نوعة وزميلتها في بيتنا لتوفير المصاريف وذالك أثناء زيارتهما لفانكوفر للقيام بالتوعية للقضية للفلسطينية من خلال سلسلة ندوات للتحدث عن الوضع في الأراضي المحتلة
كانت هذه أول مرة أقابل فيها نوعة, لم أكن أعرف عنها شيئا ولم تكن هي أيضا تعرف عني شيئا ولكنها أهدتني سي دي لفرقة إسمها راديو طريفة
راديو طريفة هي فرقة موسيقية إسبانية تحاول إعادة فن الفلامنكو لأصله العربي, ويقمون بذالك عبر خلط فن الفلامنكو التقليدي مع تأثيرات من الموسيقى العربية. وهم بذالك يختلفون إختلاف كبير عن باقي فرق الفلامنكو في إسبانيا وذالك لأن معظم البقية يحاولون خلط الفلامنكو مع الموسيقى الكلاسيكية الغربية أو موسيقى الجاز وذالك في محاولات لتطوير الفلامكو وإضهاره بمنظر الموسيقى الراقية والعالمية. ولكن فرقة راديو طريفة قررت أن تسمي نفسها على إسم أقرب بلدة من شمال أفريقيا وذالك لتوضيح مسارهم ونهجهم في تلك الموسيقى
إستغربت كثيرا هدية نوعة. كنت سنتها قد إبتدأت دراسة فن رقص الفلامنكو لأول مرة ....سألتها "ماذا اللذي جعلك تختارين هذا السي دي بالذات؟" .... إحمرت وجنتيها وقالت بقليل من الخجل "لقد دخلت في دكان الذي يبيع الموسيقي فوجد أن عندهم صندوق للأقراص مرخصة في تنزيلات للخلاص منها. أخذت واحد من الصندوق وإشتريته. أنا طالبة جامعة ولا أستطيع شراء الأشياء الغالية نظرا للحالة المادية. هل السي دي سيئ؟". تبين أن نوعة لا تعرف محتويات السي دي أصلا ولا تعرف أي شيئ عن تلك الفرقة .... وأيضا لا تعرف أنها في نفس الوقت أهدتني أحسن هدية كانت تستطيع أن تهديها لي..... بالصدفة .... ويا لها من صدفة.
بعد زيارة نوعة لمنزلنا بثلاثة سنينين عندما قررت السفر لإسبانيا لحضور مهرجان فلامنكو ولأخذ دروس الفلامنكو في إسبانيا ... بلد المصدر. قررت أنني يجب علي السفر لبلدة طريفة. وفعلاً خصصت يوم كامل لتلك المهمة. عندما وصلت لطريفة أصابني بعض الإحباط. فطريفة بلدة صغيرة جدا ... تستطيع أن تمشي من حولها خلال ساعة أو ساعتين. وهي بلدة يأتيها السواح لممارسة رياضة ركوب أمواج البحر. ولكن في غير موسم ركوب أمواج البحر تتحول البلدة إلى بلدة أشباح لأن كل السياحة تختفي وكل الدكاكين والمقاهي والمطاعم تصبح خالية. مشيت في بلدة طريفة في الشوارع الخالية وأنا أشعر بالملل. جلست في مقهي لشرب فنجان قهوة ومن بعدها قررت أن أتجه للبحر. هناك وجدت صخرة عالية ووقفت عليها لفترة طويلة .... لربما .... مثل سانتياغو .... يأتي رجل مسن ذات ذقن طويلة ويأمرني بأن ألحق أحلامي ....إنتظرت طويلا ولكن لم يظهر أي رجل مسن يرغب بإصداء النصائح لي. وبعد أن مللت من الوقوف هناك لفترة طويلة .... أدركت أنني لست بحاجة لمقابلة رجل مسن لكي يدفعني في الطريق السليم .... فقد فعلت ذالك شابة جامعية إسمها نوعة بدون قصد ... وبدون أن تعرف ماذا فعلت .... قلت لنفسي "أنا أعرف ما هي أحلامي وقد بدأت مشوار ملاحقتها بالفعل .... لست بحاجة لمقابلة الرجل المسن".