الحلم
صار لي أسبوعين أفكر في أن مدونتي تحقق واحد من أغراضها المعلنة. عندما إبتدأت المدونة قررت أن أكتب عن شيئين
1- قصص عن مغامراتي التائهة
2- أحلامي الكثيرة
ولكن بعد الفحص والتدقيق وجدت أنني أكتب كثيرا عن موضوع رقم واحد وأنني أهملت موضوع رقم إثنين.
شعرت بالتردد والخوف. مع أن عندي أحلام كثيرة ومتنوعة إلا أن الكثير منها غريب قليلا ومجنون قليلا .... هل أجرأ أن أتكلم عن هذا الموضوع؟
كنت في حالة تردد لمدة أسبوعين
ولكن اليوم قرأت تدوينة طق حنك عن الكابوس .... وقد شعرت أن تدوينته هو آذاناً يدعوني للكلام عن الأحلام
يستقيض من نومه ليجد أن زوجته قد إستيقضت من قبله وتجلس بجانبه لتوقضه بهمسات حانية. "صباح الخير " تقول له بصوتها الرقيق ... يفرك عينه ويقول "صباح الخير". يدخل الحمام وتحت الدش يغني أغنيته المفضلة بصوت عال يكاد يشبه الصياح. زوجته في المطبخ تعد الإفطار وتضحك بينها وبين نفسها عندما تسمع ما يسميه هو بالغناء
"تحت الرمانة
تحت الرمانة
رح نقعد سنة وشهرين
تحت الرمانة"
جاء وقت إيقاض الأولاد. يدخل هو لإيقاضهم. لسبب من الأسباب يستمتع هو بهذه المهمة. يهز كل واحد في فراشه ويقول له بصوت مرتفع "صحي النوم". الأولاد يفركون أعينهم ويرفضون الخروج من الفراش. كل يوم نفس الحجج. "أتركني أنام خمسة دقائق زائدة", "لا أريد الذهاب للمدرسة اليوم يا بابا" , "أريد أن أنام بدل وجبة الإفطار يا بابا" .... هو يبتسم في تلك اللحظة بسمة مكر. لأنه كل صباح يبتكر خدعة جديدة لإخراجهم من الفراش وبسرعة. خدعة اليوم هي أن يحكي لهم عن العصفور أزرق اللون الذي يجلس على عامود الكهرباء في خارج المنزل. لاحظه بالصدفة أثناء دخوله الحمام. ما أن يسمع الأولاد عن العصفور حتى يتراكضون إلى مطبخ المنزل لكي يروا العصفور من شباك المطبخ. ينغمس الأولاد في ملاحظة العصفور وخلال دقائق تأتي وجبة الأفطار. خبز, لبنة وزيت زيتون. الخبز حار تم تسخينه بالفرن قبل التقديم ثم تأتي أكواب الحليب للأولاد وكوب الشاي للكبار. هو يستمتع جداً بكوب الشاي هذا كل صباح. يتلذذ بطعمه وهو يتأمل بعائلته الصغيرة الجالسة من حوله. أخيراً سكتوا الأولاد بعد أنهمكوا في الأكل ولمدة خمسة دقائق يعم الصمت في البيت. لا يقطع الصمت سوي صوت شفط الأولاد وهم يشربون الحليب من أكوابهم الملونة. يجد أن زوجته قد أعدت وجبات الغذاء للجميع. يذهب هو لتحظير شنط الأولاد بينما تذهب زوجته لتجهيز الأولاد للمدرسة. يفرش الجميع أسنانهم ويلبسون ملابسهم. تذهب زوجته للعمل أولاً ويبقي هو لإيصال الأولاد للمدرسة. تقبله على خده قبل الخروج وتذكره بأن يشتري زبدة في طريق رجوعه للمنزل. يهز رأسه ليدل أنه لم ينسى. يرب السيارة وقد ركب الأولاد في الخلف. يستمع إلى نشرة الأخبار على الراديو. يا نهار أسود! .... مات مئات من الناس في العراق نتيجة عمل إنتحاري. يشهق بحزن على حياة الأبرياء. تسأله إبنته الكبيرة عن ما سمعته في الرايو "بابا! لماذا يقوم بعض الناس بالعمليات الإنتحارية؟ ألا يدركون أنهم يقتلون أطفال أبرياء؟" ... يفكر طويلاً ... كيف يفسر لإبنته الصغيرة هذه الأحداث بشكل صريح ولكن في نفس الوقت بدون أن يصدم برائتها الطفولية. يشرح لها "العالم به إختلال .... هناك الكثير من عدم عدالة في أنحاء العالم .... هناك فقر و جهل وظلم .... بعض الناس يرون كل ذالك من حولهم ويشعرون بغضب. الغضب يسيطر على مشاعرهم ويجعلهم يرغبون في الإنتقام. ويقمون بهذه الأعمال التى تزيد العالم ألم ... هل فهمتي؟" ... تهز رأسها بتردد .... هو غير مقتنع إذا إبنته فهمت بالفعل أم أنها مجرد تتظاهر. بعد دقائق صمت بينهما تقول له إبنته "إذا علينا أن نعمل لإزاله الفقر والجهل والظلم من العالم" .... يقرر بين نفسه أنه سوف يناقش الموضوع المزيد في المساء ... أتضح له لأول مرة أن إبنته تستمع إلى الأخبار وقد إبتدأت في التفكير في أحداث العالمية.
بعد إيصال الأولاد إلى المدرسة يتجه إلى مكتب العمل. زحمة في الشارع ... أوووف يجد الجلوس في سيارته ممل. يقلب بين محطات الراديو وفجئة يتوقف. تصدمه أغنية آبا على الراديو .... يييييياه .... لا زالت الناس تتذكر آبا .....أغنية "دانسن كوين" تذكره بذكريات جميلة من أيام المراهقة. يجد نفسه وصل إلى مكتب العمل. يجد بعض من زملائه واقفين في الخارج يدخنون سجارة ما قبل الدوام. "الحمد لله أنني أقلعت عن تلك العادة " يفكر لنفسه. يجلس على مكتبه بعد أن يصبح على زملائه. "أتمني أن يكون يوم مثل باقي الأيام وما يطلع واحدة من الأيام المضطربة التى تأتي بين الفينة والأخرى" ... يقولها لنفسه .... مديره يطلبه. يذهب. لا شيئ مهم. أحياناً يشعر أن مديره يحب الدردشة لمجرد الدردشة. مضحك مديره في العمل ... يحب سماع النكات الجديدة والكلام عن سوق الأسهم. لا شيئ مهم يحصل في العمل سوى أنه إستطاع أن يساعد زميله الجديد في العمل أن يتعلم الأنظمة في المكتب. زميله الجديد يبدوا كشاب متحفز للشغل ولكن قلة خبرته تؤثر على معرفته لمتطلبات العمل. يتذكر كيف كان مثلهعندما تخرج من الجامعة وكيف تعلم الكثير من خلال التجارب العملية. يمشي حتى يصل لمكان السيارة. يعود الى منزله. يغسل يديه و وجهه و يخلع ربطة العنق. يتناول الطعام مع زوجته والأولاد. يجد أن زوجته طبخت لازانيا الإطالية. الطبخة التي يحبها الأولاد. بعد العشاء يجلس مع أولاده لمساعتهم بالواجبات المدرسية. هذه فرصته ليلعب دور المعلم. يعطي لأبنه الصغير معادلات رياضية أما إبنته الكبيرة فيتحداها بإمتحان إملاء. زوجته تنهمك بغسل الصحون والغسيل وتنظيف المنزل. يسترق نظرات ذات مغزى كلما عبرت زوجته من جانبه. زوجته ترد عليه بغمزة .... تريد أن تقول له أنها تعرف بماذا يفكر. ما ينتهي الأولاد من واجباتهم المنزلية حتى تنتهى زوجته من شغل البيت. يجلسون كلهم في صالون البيت. يلعب إبنه الصغير بالألعاب ويقرر هو أنه حان له بأن يناقش إبنته الكبيرة عن ما يجرى في العالم. يجرهم الحوار عن التاريخ دولة العراق. يقرر أن يشتري لإبنته كتب للأطفال عن تاريخ العراق لأنها أبدت إهتمامها بالموضوع. حان وقت النوم للأولاد. يعارضون ولكنه يذكرهم بإحتجاجتهم على الإفاقة في الصباح. ثم أن عنده غرض آخر لإستعجاله على معاد النوم للأولاد. وما أن يذهب الأولاد للنوم حتى يغير ملابسه ويجلس بجانب زوجته. تسأله زوجته إذا يريد مشاهدة التلفزيون ولكنه يجاوب بالرفض. يمسك بيدها ويأخذها لغرفة النوم. يقفلون الباب. ويطارحها الغرام. وبعدها يذهب للنوم ويحلم بأحلام سعيدة
بين كابوس محمد وحلم ايهاث
يوم حلو ويوم مر
نصف الكوب الفارغ ام الممتلئ
بينهم حلم الرضا ليس أكثر
الرضا بالحلم او التذمر من الكابوس
» إرسال تعليق